الخميس، أغسطس 03، 2023

ديزني تستبعد مسلسل تلفزيوني يمجد الديكتاتور التركي الذي مارس الإبادة الجماعية مصطفى كمال أتاتورك


أثار قرار ديزني عدم بث مسلسل يصور حياة مصطفى كمال أتاتورك الذي يعتبر الأب المؤسس لتركيا ضجة كبيرة من قبل المسؤولين الأتراك وسط عجزهم عن التأثير على القرار.

وكانت منصة "ديزني +" قد أعلنت الشهر الماضي أنه سيتم بث مسلسل أتاتورك "في الذكرى المئوية" للجمهورية التركية، التي تصادف يوم 29 أكتوبر، وسط اشادة وترويج كبير للفلم في وسائل الاعلام التركية.

وفور صدور اعلان الفلم سارعت اللجنة الوطنية الأرمينية الأميركية اضافة إلى منظمات كردية دعوة "ديزني +" إلى إلغاء البث، على اعتبار إنّ الوثائقي "يمجد ديكتاتوراً تركياً وسفاحاً تورط في إبادات جماعية".

ولاق قرار حظر الوثائقي ترحيبا واسعا من قبل اللجنة الوطنية الأرمنية الأميركية، والمنظمات كردية، والمدافعين عن حقوق الإنسان حيث سبقه حملة تنديد واسعة وحملات ضد "تمجيد" ديزني لأتاتورك.

وكانت وسائل الإعلام التركية قد أشارت أن ديزني قررت سحب عرض " أتاتورك "، وهو مسلسل درامي من ستة أجزاء، حيث كان مزمعا عرضه بالتزامن مع احتفال الأتراك بالذكرى المائة لتأسيس جمهورية تركيا بواسطة مصطفى كمال أتاتورك.

بينما لا يزال أتاتورك شخصية مقدسة بالنسبة لغالبية الأتراك لتأسيسهم جمهوريتهم العلمانية الحديثة في عام 1923 من بقايا الإمبراطورية العثمانية، تكشف الوثائق والأدلة والشهادات إن دولته الجديدة ارتكبت واحتضنت مرتكبي الإبادة الجماعية ضد الأرمن والكرد والعرب واليونان وبقية الشعوب في المنطقة، ارتكبوا خلال ذلك العشرات من المجازر، وحملات الإبادة ومحو التراث والثقافات السائدة ونسبها لانفسهم.

تركيا تنفي الاعتراف بارتكاب تلك المجازر وتتهرب من المسؤولية التاريخية رغم ذلك، وتزعم أن الوفيات كانت نتيجة الحرب والمرض، على الرغم من الاعتراف بها على أنها إبادة جماعية من قبل 34 دولة بما في ذلك الولايات المتحدة، بالإضافة إلى البرلمان الأوروبي. كما تعرض مئات الآلاف من اليونانيين للترحيل ومسيرات الموت من قبل الأتراك وقتها.

لماذا تراجعت ديزني عن عرض المسلسل؟

الإبادة الأرمنية
أثناء حكم مصطفى كمال اتاتورك، شهدت الإمبراطورية العثمانية وبعد ذلك جمهورية تركيا حدوث ما يعرف اليوم بأحداث الإبادة الأرمنية، التي وقعت بين عامي 1915 و1917. تم اتهام اتاتورك والحكومة العثمانية بالضلوع في هذه الأحداث، والتي تعتبرها الباحثون والدول والمؤسسات الدولية والأكاديميين والنشطاء الحقوقيين إبادة جماعية.

خلال هذه الفترة، شهدت الأرمن معاناة فظيعة حيث قُتل ما يقدر بين 600،000 إلى 1.5 مليون شخص من الأرمن، وتعرضوا للتهجير القسري والاضطهاد والقتل الجماعي على أيدي القوات العثمانية. تُعتبر هذه الأحداث واحدة من أكبر المأساويات في التاريخ الحديث.

قتل الأتراك 40 ألف كردي.. في عام
ما بين سنتي 1937 و1938، كانت منطقة درسيم (Dersim) التركية مسرحاً لواحدة من أسوأ الإبادات في حق الكرد. فمن أجل فرض جملة من قوانينها ضد هذا الشعب، اتجهت حكومة الرئيس التركي، مصطفى كمال أتاتورك، لشن حملة عسكرية على المنطقة انتهت بمقتل وتهجير عشرات الآلاف من المدنيين العلاهيين الكرد الزازاكيين (Alevi Kurds Zazas)، لتُصنّف بذلك مذبحة درسيم وكل من مأساة ثورة الشيخ سعيد بيران ومجزرة وادي زيلان ضمن قائمة الجرائم التركية بحق الكرد.

صورة لجنود أتراك التقطوا صورة رفقة عدد من أكراد درسيم قبل إعدامهم
صورة لجنود أتراك التقطوا صورة رفقة عدد من أكراد درسيم قبل إعدامهم

درسيم.. فقر وتهميش
اختلفت درسيم عن بقية المناطق الكردية من حيث العوامل الدينية واللغوية. فعلى الرغم من وجود بعض القبائل السنية الناطقة باللغة الكردية، اعتمد أغلبية سكان هذه المنطقة اللهجة الزازاكية وكانوا من العلاهيين. وخلال عهد الدولة العثمانية، اعتمدت درسيم على نظام إقطاعي استمر لحدود الفترة الأولى من تاريخ جمهورية تركيا الحديثة.

وبسبب حالة الفقر الشديد والتهميش التي عانت منها درسيم، والعديد من مناطق شرق تركيا، امتنع الأهالي عن دفع الضرائب، واتجه أغلب أبنائها للامتناع عن التقدم للخدمة العسكرية، وهو الأمر الذي أثار غضب المسؤولين الأتراك المحليين. ومنذ منتصف عشرينيات القرن الماضي، أكد أتاتورك على ضرورة اللجوء للقوة لفرض إرادة حكومته على درسيم التي وصفها بأكبر معضلة داخلية بتركيا.

وفي خضم قوانين تتريك (Turkification) البلاد التي بلغت أوجها منتصف الثلاثينيات، اتجهت المسؤولون الأتراك لفرض التجانس الديموغرافي بالبلاد بالقوة فلجأوا لسياسة التهجير القسري للسكان وعمدوا لإجبار العديد من سكان الشرق لترك أراضيهم والهجرة نحو مناطق أخرى نائية بغرب البلاد.

كما لجأ أتباع أتاتورك لتقسيم درسيم وإعادة تسميتها، فأطلقوا عليها لقب تونجلي وزادوا من صلاحيات الحاكم المحلّي بها، والذي أصبح قادراً على طرد من يشاء. ولفرض الأمن بالقوة، ضاعف أتاتورك عدد أفراد رجال الأمن والجيش بالجهة وأنشأ مزيدا من مراكز الأمن.

وبحسب مصادر كردية محلّية، تقدّم الأهالي بشكوى لسلطات أتاتورك، فحمّلوا موفدهم رسالة اشتكوا فيها من وضعهم وطالبوا بتغيير سياسة الدولة تجاهم. إلا أن المسؤولين الأتراك رفضوا هذه الرسالة واعتقلوا وأعدموا حاملها، وكرد على ذلك هاجم بعض أهالي درسيم مركز أمن ليبدأ بذلك التصعيد.

وقد حشد الأتراك نحو 30 ألف عسكري قرب درسيم واستعدوا لاجتياح المنطقة. وفي غضون ذلك، أرسل الأهالي وفدا دبلوماسيا تكون أساسا من القائد المحلي سيد رضا وعدد من مساعديه للتفاوض مع الحكومة وإنهاء الأزمة. إلا أن سلطات أتاتورك رفضت كل الجهود الرامية لإعادة السلام للمنطقة، فعمدت لاعتقال سيد رضا ومساعديه وأعدمتهم شنقا منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1937 وقد كان من ضمن الضحايا ابن سيد رضا البالغ من العمر حينها 16 عاما.

ومطلع العام 1938، أطلق الأتراك العنان لعمليتهم العسكرية ضد درسيم لقمع ما وصفوه بتمرّد وثورة المنطقة على السلطة المركزية، واستمرت هذه الحملة أشهرا لتنتهي أواخر العام بسيطرة الجيش التركي على المنطقة.

خلال هذه العملية العسكرية، استخدم الجيش التركي الطائرات، لقصف المدنيين الكرد وتحدّث الكاتب الكردي نوري درسيمي (Nuri Dersimi)، المنحدر من هذه المنطقة، عن استخدام الأتراك للكيمياوي ضد المدنيين.

وبحسب التقارير الرسمية التركية لتلك الفترة، أسفرت العملية العسكرية عن مقتل 13 ألف كردي وتهجير حوالي 10 آلاف آخرين. وقتل أعداد كبيرة من النساء والأطفال وانتهاكات فظيعة أخرى، حيث عمد جنود أتاتورك لتجميع المدنيين داخل الخيام قبل إضرام النار بها.

40 ألف ضحية
في غضون ذلك، أكدت تقارير بريطانية سقوط عدد أكبر من الضحايا مؤكدة على مقتل ما لا يقل عن 40 ألفا من أكراد درسيم خلال الأشهر التي استغلها الجيش التركي لشن حملته العسكرية على المنطقة.

حين حرقت قوات أتاتورك 100 ألف يوناني وأرمينيخ

لال العام 1922، مرت منطقة سميرنا (Smyrna) الموجودة حاليا بإزمير التركية بواحدة من أسوأ فتراتها. فحسب العديد من المصادر، عاش أهالي سميرنا بسلام لقرون على الرغم من اختلاف دياناتهم وأعراقهم.

وبناء على تقارير القنصل الأميركي بسميرنا جورج هورتون (George Horton)، قدّر عدد سكان المدينة سنة 1911 بنحو 400 ألف نسمة كان من ضمنهم 165 ألفا من الأتراك و150 ألفا من اليونانيين و50 ألفا من اليهود والأرمن، إضافة لما يزيد عن 20 ألفا من الأجانب. وبسبب أحداث عام 1922، تغيرت التركيبة الديمغرافية للمنطقة بشكل لافت للانتباه عقب إبادة تعرض لها اليونانيون والأرمن.

حريق سميرنا
فقبل أسابيع من نهاية الحرب التركية اليونانية، انسحبت جيوش اليونان يوم 8 أيلول/سبتمبر 1922 من مدينة سميرنا لتدخل خلال نفس ذلك اليوم قوات مصطفى كمال أتاتورك هذه المدينة متعددة الأعراق والديانات وسط مخاوف دولية من إمكانية حدوث مذبحة بالمدينة. ومع حلول اليوم التالي، شهدت مدينة سميرنا اندلاع أعمال عنف قادها جنود أتاتورك ضد مسيحيي سميرنا حيث لجأ الأتراك لسرقة وتخريب منازل الأرثوذكس واعتدوا على الرجال وسحلوا الكثير منهم وأقدموا على خطف النساء واغتصابهن وقتل الشيوخ والأطفال.

من ناحية ثانية، طالت هجمات الأتراك حينها رجال الدين بالمدينة. فيوم العاشر من نفس الشهر، عمد جنود أتاتورك لقتل وسحل المطران كريسوستوموس (Chrysostomos) ونكّلوا بجثته.

بعد 4 أيام فقط من دخول القوات التركية، قاموا باشعال حريق في يوم 13 أيلول/سبتمبر لحريق بالأحياء الأرمينية بالمنطقة. وانتشرت النيران وتوسعت دائرة الحريق لتشمل الأحياء اليونانية المجاورة. وفي خضم هذه الأحداث، هرب عشرات الآلاف من المسيحيين الأرثوذكس نحو ميناء المدينة وأجبروا على القفز بالبحر والغرق تزامنا مع اقتراب ألسنة اللهب منهم. من ناحية أخرى، حاصرت قوات أتاتورك عددا من الأحياء اليونانية وفرضت على متساكنيها عدم مغادرتها متسببة بذلك في احتراق كثيرين داخل منازلهم.

ومع غياب جهود الإطفاء والإنقاذ وتواصل الانتهاكات التركية لأيام، وجد أرمن ويونانيو سميرنا أنفسهم أمام 3 خيارات تراوحت بين الموت حرقا أو غرقا أو على يد جنود أتاتورك.

90 ألف قتيل واتهامات لتركيا
أسفر حريق سميرنا سنة 1922 عن سقوط عشرات آلاف القتلى حيث تحدثت بعض التقارير عن مقتل أكثر من 90 ألف شخص. وخلال الفترة التالية، أقدمت قوات أتاتورك على اعتقال وتهجير عدد كبير من مسيحيي المدينة عن طريق إرسالهم نحو المناطق الداخلية. وبسبب ظروف نقلهم الصعبة فارق جلّهم الحياة.

وعلى حسب شهادات الناجين، تعمدت القوات التركية إضرام النيران بالمنازل ولاحقت الناجين في إنهاء وجود الأرمن واليونانيين بالمدينة. فضلا عن ذلك، نقل الكاتب الأميركي إرنست همينغوي (Ernest Hemingway)، الذي كان متواجدا على متن إحدى السفن الأميركية قبالة سميرنا، الكثير حول أهوال الحريق وكتب عنه بروايته "On the Quai at Smyrna".

إضافة لذلك، حمّل أغلب المؤرخين المعاصرين قوات أتاتورك مسؤولية حريق سميرنا. كما نقل القنصل الأميركي بالمدينة جورج هورتون تقارير اتهم من خلالها جنود أتاتورك بالوقوف وراء المأساة مؤكدا على رحيل كامل القوات اليونانية من المنطقة يوم 8 أيلول/سبتمبر وانتشار الأتراك بسميرنا لحظة اندلاع الحريق. أيضا، أكد القنصل الأميركي على قيام الأتراك بصب الوقود على منازل اليونانيين والأرمن لتوسيع رقعة الحريق.

مصطفى كمال أتاتورك.. اختراع القرآن التركي
بعد استيلاء مصطفى كمال أتاتورك على السلطة واعلان الجمهورية التركية عام 1923، ظهر حزب جديد تحت اسم "حزب الشعب الجمهوري" وقام بأعمال ضد الإسلام والمسلمين. وفي عام 1925 منع رفع الأذان وأداء الصلاة .

وفي نفس العام قررت الحكومة التركية الجديدة بزعامة كمال أتاتورك تحويل القرآن الكريم إلى اللغة التركية وقراءته بها بدلًا من العربية بالرغم من اعتراض شيخ الإسلام موسى كاظم وأحمد جودت باشا.

وطلبت الحكومة التركية من شاعر نشيد الاستقلال محمد عاكف آرصوي ترجمة معاني القرآن الكريم للتركية، ولكنه رفض ذلك خوفا من انصراف الناس عن أصل القرآن.

وعلى الرغم من ذلك أصدرت الحكومة قرارا يقضي بقراءة القرآن بالتركية وتم تعديل الايات وحذف عدد منها وكانت الترجمة غير دقيقة تتناسب رغبات أتاتورك.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماهو رأيك ؟

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004 1 و 2