الخميس، نوفمبر 09، 2023

يقصف الكرد ويتوعد ابادتهم ويدعو إسرائيل إلى حماية المدنيين


منذ بداية النزاع في قطاع غزة وحتى اليوم، لم ينقطع اهتمام العالم بمتابعة التطورات والتصريحات المتعلقة بالأزمة. اللافت هنا هو تصريحات رئيس تركيا، الديكتاتور رجب طيب أردوغان، الذي لا ينقطع في التعبير عن قلقه واستنكاره للأحداث الجارية في غزة. يسعى أردوغان إلى تقديم نفسه كمدافع عن سلامة المدنيين يرفض مخططات تهجيرهم والقصف. إنه يصف الأحداث في غزة بأنها "مجازر وأعمال دنيئة" تستهدف السكان الأبرياء من خلال وسائل مروعة تشمل التجويع والعطش وتدمير البنية التحتية الصحية.     

هذا التنديد والتهديد الكلامي لا يجب أن يخفي حقائق مهمة عن هذا الرجل الذي يجب أن نكون أكثر حذرًا ومستنيرين بشأن مشاعره الإنسانية المزيفة التي لم تترجم بأي حال لأي خطوة عملية. فعلى الرغم من تصريحاته وانتقاداته للهجمات الإسرائيلية، إلا أن تاريخ أردوغان يظهر تناقضًا واضحًا.

الجيش التركي يشن ضربات يومية على المدنيين في سوريا، ولا يمكن تجاهل الأثر الذي تتركه الطائرات المسيرة والحربية التركية المعروفة لدى السكان بـ "طائرات الموت" على حياة المدنيين. بالإضافة إلى ذلك، تم التصريح بشكل علني بعمليات القصف التركية في شمال سوريا، كما أقر رئيس جهاز المخابرات التركية السابق، هاكان فيدان، طفل أردوغان المدلل الذي عينه وزيرًا للخارجية، بأن الجيش التركي مستعد لتدمير البنية التحتية في المنطقة التي يعيش فيها أكثر من 6 ملايين شخص.

أردوغان كان واضحاً في تصريحات تلفزيونية سابقة في تلفزيون حكومي (هنا)، حيث أكد أن حكومته لن تتوقف حتى يتم تهجير 4 مليون كردي من مناطقهم في شمال سوريا، في إطار مخطط واسع يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية والديموغرافية. هذه السياسة تشبه تلك التي اتبعها أسلافه في تركيا عندما أجبروا سكان المناطق الحدودية الكرد على النزوح وقاموا بإعادة توزيعهم في المدن التركية، مما أدى إلى قطع التواصل بينهم وبالتالي قضى على المناطق الكردية.

أردوغان، الذي لا تتوقف قواته عن تنفيذ عمليات قصف واستهداف الكرد في سوريا، والذي يشن حملات اعتقال واسعة ضد الكرد في تركيا، ويقوم بإغلاق مؤسساتهم الثقافية وحظر تجمعاتهم وأحزابهم، ويقوم بمنع حفلاتهم الموسيقية، يرسل طائراته لاستهداف مخيمات اللاجئين الكرد الفارين من نظامه في العراق يتبنى في الوقت نفسه موقفًا صارمًا تجاه الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة في فلسطين. يظهر أردوغان نفسه على أنه يشعر بالضجر من أي عمل يستهدف المدنيين في أنحاء العالم، ولكنها في المقابل يبرر استهدافه للمدنيين الكرد، معتبرا "الكرد" بأنهم إرهابيين، في حين تنفي هذا الوصف عن "حماس"، وتعتبرها غير منظمة ثورية.

في محاولات الكرد للدفاع عن حقوقهم في أي مكان في العالم، يرى أردوغان هذه المطالب كجريمة، ويستخدم وسائل مظلمة - مافياوية تشمل مطاردة الكرد حتى اللاجئين الذين فروا من اضطهاده وأصبحوا مهاجرين يعيشون في المخيمات في أوروبا. يقوم بإرسال جواسيس لاستهدافهم واختطافهم وتهديدهم بطرق تذكر بأساليب المافيا. كما يستخدم طائراته المسيرة لاغتيالهم، أردوغان لا مشكلة لديه حينما يقتل اي طفل كردي او امرأة هو يعتبر قتل الأطفال والنساء والمسنين الكرد أمورًا جانبية فقط، ولا يعترف بوضعهم كضحايا بالمقابل يظهر نفسه ذا قلب طيب حينما يقتل طفل في فلسطين.

خلال أسبوع واحد فقط، من 6 تشرين الأول إلى 11 تشرين الأول، خلفت الهجمات التركية مقتل 60 شخصًا وإصابة أكثر من 100 آخرين، بما في ذلك أطفال ونساء، بينهم شاب سبق وأن فقد أطرافه نتيجة لقصف سابق. هذه الهجمات الواسعة التي شنتها تركيا تسببت في خسائر مادية تجاوزت تكاليف إصلاحها 100 مليون دولار. تم استهداف المشافي، والمدارس، ومخازن الحبوب، ومحطات الطاقة والكهرباء والمياه، ومستودعات النفط والمواد الغذائية، بالإضافة إلى مراكز العبادة، ماتزال عشرات البلدات بلا ماء وكهرباء، اضف انه يغلق المعابر ويمنع دخول الغذاء والدواء وحليب المناطق الكردية والمخيمات لأنها تخص المهجرين الكرد الذي يجب التخلص منهم.

مبررات قصف أردوغان المدمر تتعلق بالهجوم الذي نفذه حزب العمال الكردستاني على مقر وزارة الداخلية وأسفر عن إصابة حارسين. اعتبر أردوغان ان هجوم قواته المدمر على الكرد في سوريا كان دفاعًا عن النفس ضد "منظمة إرهابية"، ومنح نفسه الصلاحيات الكاملة للاستيلاء على المدن والبلدان والقرى الكردية وقتل شبابها وتهجير عوائلهم كما فعل في عفرين و في تل أبيض وفي راس العين. مؤكد ان هذه الأعمال تصنف وفقًا لتعريف القانون الدولي على أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لكن أردوغان قرر منح نفسه شرعية كاملة بالقتل تصل حد الإبادة. ومع ذلك، لم يتوقف عن انتقاد هجمات إسرائيل، معتبرا أن الحكومة الإسرائيلية تنتهك القيم الإنسانية في قطاع غزة، مع تحميل الغرب مسؤولية المأساة التي يتعرض لها الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، كان متورطا بنفسه في ارتكاب العديد من المجازر واحتلال مدن الكرد وتهجيرهم، ويلقي تهديدات باتجاه الاتحاد الأوروبي بفتح الحدود لاجتياحها بقوافل اللاجئين في حال انتقدوا جرائمه.

وبشان الأسرى المدنيين الذين خطفتهم "حماس" من الحفل الموسيقي زعم أردوغان، أن حركة حماس لا تسعى للاحتفاظ بالمدنيين كأسرى تحت سيطرتها؛ وربط ذلك بأن إسرائيل يجب أن تحرر الفلسطينيين في سجونها وبسرعة لكنه تجاهل بالمقابل أن قواته خطفت مايزيد عن 260 مدنيا كردياً من سوريا (تل أبيض ، رأس العين ، عفرين) وتم نقلهم للسجون التركية ومنذ سنوات لا تعرف عوائلهم عنهم شيئا، هذا عدا عن المئات المختفين والمعتقلين في سجون الميليشيات التركية في سوريا (الجيش الوطني) لو كان حريصا على الأسرى المدنيين لكان حرر المختطفين في سجونه، أو على الأقل سمح باجراء محاكمات عادلة لهم وسمح لعوائلهم بالاتصال بهم .

أردوغان، صاحب "القلب الطيب"، قلق بعمق إزاء مشكلات إخوانه في غزة إذاً، يرفض مخطط تهجير سكانها بالمقابل يعتبر قصفه للكرد ودفنهم تحت أنقاض منازلهم عملا صائباً، يتباهى بمخطط أعده يتضمن تهجير 4 مليون كردي من أرض أجدادهم بحجة أن هذه المناطق لم تعد تناسب الكرد كونها صحراوية وبالتالي يجب تهجيرهم وتفريقهم باتجاه دمشق وحلب ودرعا وحلب ويجب توطين العرب عوضا عنهم. وهو هنا يقصد التركمان والصور (أسفل المقالة) تكشف من هُم وحقيقة ولائهم.

بعد كل هذا، يثار السؤال الحاسم: هل يمكننا حقاً الاعتماد على أقوال أردوغان واعتباره شخصًا طيب القلب؟ يتناقض تصرفه في الدفاع عن المدنيين في مكان مع واقع قاس يظهر فيه قتلهم بأساليب بشعة في أماكن أخرى.

هذا التناقض يلقي الضوء على جانبين متعارضين لشخصيته ويطرح تساؤلات حول مصداقيته وحقيقة الصورة التي يحاول رسمها عن نفسه.

مصطفى عبدي

مرفق صور لمن يخطط أردوغان في توطينهم شمال سوريا بعد تهجير سكانها.



































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماهو رأيك ؟

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004 1 و 2