الأربعاء، مايو 10، 2023

لماذا يكره الكرد أردوغان ... ؟



بات الكرد وصعود دورهم في الشرق الأوسط هاجسا يلازم أردوغان الذي رهن سياسيات تركيا داخليا وخارجيا في مواجهتهم، فلا شغل له سوى السعي وراء تحجيم النفوذ الكردي شمال سوريا، والعراق وإيران وقمعهم في بلاده، مطوعا أي سلاح يمكن أن يفيده في ذلك وإن كان هذا السلاح تنظيم داعش، وعقد الصفقات والاتفاقيات مع تلك الدول للتنسيق في محاربتهم لكن رغم ذلك صمد الكرد وحققو المزيد من الانتصارات على الأرض واكتسبوا ثقة المجتمع الدولي.


الهوية القومية التركية المتطرفة الممزوجة بالهوية الاسلامية الراديكالية هي التي وفرت لأردوغان أسس ترسيخ سلطته القمعية المستبدة خلال عقدين من حكمه المضطرب، ومحاولة فرض نفسه كقوة اقليمية قادرة على التحكم بالملفات الدولية وتعقيداتها الى جانب تحويل تركيا لدولة يحكمها رجل مستبد، يتحكم في كل شيء من الاقتصاد الى الجيش إلى البلديات والقضاء والدستور والمحاكم فيزج بمن يشاء في السجن ويحظر الأحزاب والجمعيات.

لكن هذه الهوية عجزت عن تحطيم "القومية الكردية" العدو اللدود، رغم كل مافعله من اعتقالات، الى عزل نواب البرلمان ورؤوساء البلديات واعتقلهم، وتدمير المؤسسات الثقافية الكردية، والتحريض الإعلامي واثارة الفتنة والدفع نحو الاقتتال إضافة إلى رفع دعاوي لإغلاق أحزابهم، خارجيا شن هجمات تستهدف المناطق الكردية في سوريا وفي العراق اللتين تحكمان بأنظمة هشة وارتكب مجازر بحق المدنيين وارسل جيشه لاحتلال المدن الكردية وقتل او تهجير سكانها وتجنيد الميليشيات لملاحقتهم وسرقة ونهب ممتلكاتهم.

ولعل النجاح الذي حققه الكرد بهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في كوباني والتي ألهبت الكثير من مشاعر التعاطف معهم، بالنظر إلى البسالة الشديدة التي أظهروها، رجالا ونساء، في المعارك من شارع إلى شارع، ومن منزل إلى منزل، كانت هزيمة لمشروع أردوغان كذلك الذي راهن على انتصار داعش لسحق الطموحات الكردية في سوريا، والعراق وتفكيك جغرافيتهم.

إلا أن الكرد هم الذين كسبوا المعركة. وكسبوا معها شيئا آخر لا يقل أهمية من الناحية الاستراتيجية هو أنهم أصبحوا حليفا موثوقا للولايات المتحدة، والتحالف الدولي وهو بالنسبة إلى أردوغان خسارة كبرى على جبهة الحرب ضد الكرد وعلى جبهة العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي.

لماذا يكره الكرد أردوغان ؟

رغم العنف المفرط وحملات القمع المتكررة التي شنتها مختلف الأنظمة الحاكمة في تركيا والتي استهدف طمس الهوية الكردية وتشتيتهم إلا أن الكرد ظلوا يمدون أيديهم للمصالحة وتحقيق السلام عبر الحوار. رافضين التنازل عن حقوقهم. وبالتالي فإن السؤال هنا يجب عكسه وهو لماذا يكره أردوغان الكرد، ليس في تركيا وحدها وإنما في مختلف الدول حتى الكرد الذين هجروا منذ عقود وتركوا خلفهم كل شيء ليستولي عليها يظل يلاحقهم مطالبا بتسليمهم لنظامه للزج بهم في سجونه المتكظة بهم، فالكردي الجيد بالنسبة لأردوغان هو الكردي الميت.

نسرد أسبابا لهذا العداء الذي ترتبط جذوره بالسياسة والتاريخ والمصالح القومية :

-الصراع التاريخي: يخوض الكرد في تركيا صراعا طويلا لنيل حقوقهم. تاريخياً، واجه الكرد تمييزًا وقمعًا من الدولة التركية، وخاصة فيما يتعلق باللغة والثقافة والهوية. وهو الطريق ذاته الذي سلكه أردوغان معتقدا أنه سيكون قادرا على إبادتهم.

- السياسة الداخلية: يُعتبر أردوغان جزءًا من النظام السياسي التركي الذي غالبًا ما يُلقي باللوم على الكرد في البلاد بشأن القضايا الأمنية ويتهم بالإرهاب وتقسيم البلاد، ورغم الدعوات العديدة التي أطلقها الكرد لانتهاج المفاوضات كوسيلة لحل المشكلات إلا أن الحكومة التركية واجهت تلك الدعوات بالمزيد من العنف.

-الصراعات الإقليمية: شنت تركيا عمليات عسكرية معقدة في شمال سوريا والعراق استهدفت احتلال المدن الكردية وتدمير البنية التحتية وتهجير سكانها، وقتل الآلاف من المدنيين. ولاردوغان طموح تحويل تلك المناطق لمستعمرة لتوطين 3 مليون من اللاجئين السوريين فيها.

- سياسة القومية التركية: يتبنى أردوغان وحزبه العدالة والتنمية سياسة قومية تركية متطرفة، بطموحات استعمارية تتجاوز حدود تركيا، لا سيما وانه متحالف مع حزب الحركة القومية المتطرف.

-قمع الحريات السياسية: قمعت حكومة أردوغان الحريات السياسية. وقد شهدت تركيا اعتقالات لنشطاء كرد وسياسيين وفنانين معارضين وصحفيين، واعضاء برلمان وأعضاء ورؤساء بلديات مما أثار قلق الكرد بشأن الحرية السياسية وحقوق الإنسان.

تلك بعضا من الأسباب لعدم دعم العديد من الكرد أردوغان، الذي لم يختلف عن سابقيه وواصل انتهاج العنف لسحق مطالبهم بدل التفاوض على حلها حيث عمل على اضطهاد والتمييز والقمع من قبل أجهزته الأمنية.

مصطفى عبدي

11 أيار 2023

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماهو رأيك ؟

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004 1 و 2