الثلاثاء، مايو 09، 2023

تعرف على "المعارضة السورية" التي طالبت "الجامعة العربية" بشار الأسد الدخول في حوار معها

صوَّتت الجامعة العربية 7 مايو/أيار 2023، على إعادة مقعد سوريا إلى سوريا بعد مرور أكثر من 11 عاماً على الحرب الأهلية فيها، عندما اُتخذ قرار تعليق مشاركة سوريا في اجتماعات الجامعة العربية ومنظماتها في 16 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011، إثر فشل مهمة بعثة عسكرية تابعة للجامعة العربية أُرسلت لضمان عدم قمع الاحتجاجات في عام 2011. وهي الاحتجاجات التي قمعها الأسد بالقوة وارتكب عشرات المجازر واعتقل عشرات الآلاف وأعدم الكثير منهم ميدانيا.

رغم وجود غموض، فيما يتعلق بـ "شروط عودة سوريا للجامعة العربية"، فإنه جرى التركيز على ضرورة التزام نظام الأسد بتطبيق القرار الدولي رقم 2254، وإطلاق عملية سياسية تتضمن الحوار مع المعارضة السورية.

ويبرز هنا السؤال الكبير الذي يصعب تحديده وهو من الذين يمثلون "المعارضة السورية".

المعارضة السورية هو مصطلح شامل للمجموعات والأفراد الذين يطالبون بتغيير النظام في سوريا، والذين يعارضون حكومة حزب البعث. ولقد سلكت جماعات من المعارضة في سوريا دربًا جديدًا عام 2011 عقب اندلاع الحرب الأهلية السورية حيث توحد جزء كبير منهم لتشكيل "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" و أُعترف بهِ رسمياً من قبل مجلس التعاون لدول الخليج العربي كممثل شرعي للشعب السوري وباعتباره «ممثل طموحات الشعب السوري» لدى جامعة الدول العربية.

لقد ظلت سوريا خاضعة لحكم قانون الطوارئ منذ عام 1963 عندما استولى حزب البعث السوري على السلطة في انقلاب عسكري. ومنذ عام 1971 وبعد قيام ما يسميه حزب البعث«الحركة التصحيحية»، تم انتخاب الضابط حافظ الأسد لمنصب رئاسة الجمهورية. منذ عام 1980، تم حظر أي شكل من أشكال المعارضة لنظام البعث في سوريا. وتم إنشاء خمس أجهزة أمنية إستخباراتية رئيسية مرتبطة بمكتب الأمن القومي التابع لحزب البعث الحاكم لتعمل بصورة أساسية على مراقبة المعارضة السياسية. وتعني دولة الطوارئ محاكمات عسكرية وتطبيق القانون العسكري والمحاكمات الخاصة للقضايا السياسية دون أي اعتبار لحقوق الإنسان أو عملية التقاضي الطبيعية. وكان السجناء يعذبون بصورة دورية ويتحفظ عليهم في ظروف مزرية. وعقب وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد في يونيو من عام 2000، تم تنصيب إبنه بشار الأسد رئيسًا لسوريا وأمينًا قطريًا لحزب البعث. والذين سار على نهج والده حتى اندلعت الحرب الأهلية متأثرة بما سمي "ثورات الربيع العربي" فكانت فرصة الشعب السوري كبيرة لانهاء حكم عائلة الأسد الاستبدادي.

المعارضة السورية فشلت في اغتنام الفرصة والظرف والدعم الدولي والعربي، حيث استفاد نظام بشار الأسد بشكل كبير من تفكك المعارضة السورية في إطالة عمره. حيث بدت المعارضة مفككة ومع مرور الوقت، بدأت تظهر الخلافات بين الفصائل المختلفة وتفككت المعارضة إلى عدة جماعات وفصائل متناحرة.

وقد استغل نظام بشار الأسد هذا التفكك والانقسام داخل المعارضة لتحقيق انتصارات عسكرية وإعادة السيطرة على المناطق وتعزيز نفوذه بعدما كاد يزول.

ما هي الجماعات المعارضة في سوريا؟

ظهر العديد من مجموعات المعارضة السورية السياسية والمسلّحة، منذ عام 2011، لكنّها تعرّضت لتغيّرات كبيرة بعد مرور أكثر من عقد على النزاع؛ حيث اختفت تيارات وفصائل وظهرت أخرى جديدة، وتغيّرت البنى الداخلية والتحالفات، واختلفت نسبة السيطرة على خريطة النفوذ.

ويمكن تصنيف المعارضة السورية الآن في ثلاثة تيارات هم:

أولا : قوات سوريا الديمقراطية (الإدارة الذاتية) مقرها محافظة الحسكة، نسبة سيطرتها تبلغ  (26%) من الجغرافيا السورية، تمثل الجناح المسلح لمنطقة الإدارة الذاتية المقامة في شمال شرق سوريا. وهذه القوات تحظي بدعم الولايات المتحدة الأمريكية، والتحالف الدولي وهي شريك رئيسي في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية. كما وأن لديها واجهة سياسية تسمى مجلس سوريا الديمقراطية. تسعى إلى حل ديمقراطي تشارك فيه جميع فئات المجتمع أساسه الاعتراف بالحقوق المشروعة لسائر المكونات الإثنية والدينية، عبر تأسيس نظام إداري سياسي ديمقراطي تعددي لامركزي. وقوات سوريا الديمقراطية كيان متماسك، مناطق سيطرتها مستقرة.

ثانيا : هيئة تحرير الشام (حكومة الانقاذ) كانت تسمى سابقا باسم جبهة النصرة، مقرها محافظة إدلب نسبة سيطرتها (5 %)، أعلنت عن تشكيل إدارة محلية تحت أسم "حكومة الانقاذ" بتسع وزارات، تسعى لتحويل سوريا إلى إمارة إسلامية. تتلق دعم من الحركات الجهادية في العالم، وتتم حمايتها من تركيا وقطر. وهيئة تحرير الشام كيان متماسك مناطق سيطرتها مستقرة لكنها تشهد انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان وبشكل خاص النساء.

ثالثا: الجيش الوطني السوري (الحكومة المؤقتة) الجيش الحر سابقا، نسبة سيطرتها تبلغ (6 %) .

أعادت تركيا تجميع المسلحين والجماعات المسلحة المنهارة والتي جرى تأمين نقلهم من مختلف المدن السورية بعد ماسمي مسلحي التسويات. وهؤلاء هم الجماعات المسلحة التي اضطرت للانسحاب من مواقعها في حلب وريف دمشق ودرعا ومناطق أخرى بعد اتفاقيات صاغتها روسيا وتركيا وإيران ضمنت انتقالهم إلى مناطق الشمال السوري الخاضع لسيطرة تركيا مقابل تسليم سلاحهم. وينظر للائتلاف كواجهة سياسية للجيش الوطني، وتعتبر الحكومة السورية المؤقتة هي الذراع الإداري ومقرها مدينة عينتاب التركية. والجيش الوطني السوري كيان مفكك، مكون من فيالق وفصائل غير منضبطة، كما وأن القرار ليس مركزيا وانما كل قائد جماعة مسلحة مستقل، والصراع بينهم متواصل ويشهد سقوط قتلى ومصابين وهو ما يجعل مناطق سيطرتها غير مستقرة وليس آمنة.

تيارات المعارضة الرئيسية الثلاث متخاصمة فيما بينها مثلما تخاصم النظام نفسه إن لم يكن بدرجة أشد. وهو ما منح النظام الفرصة منذ البداية لهزيمتها ومازال يعتمد على خلافاتها في تحقيق السيطرة الكاملة على البلاد وفق طموحاته.

إلى جانب تلك التيارات توجد منصات للمعارضة السورية، تشكلت ضمن رؤية استبعاد "المعارضة التي تؤمن بالحلول المسلحة" وتعزيز وتقوية المعارضة التي تؤمن بالحل السياسي وهم:

منصة "القاهرة" : تستند لتطبيق قرار 2254 وبيان جنيف 1، المستند لتحقيق انتقال سياسي في سوريا. تعتبر "مصر والدول العربية حجر الزاوية في الحل السياسي لـ الأزمة السورية".

منصة "موسكو": تتخلص رؤيتها لإنهاء الأزمة عبر مسارين، هما الاستمرار في محاربة الإرهاب "وخاصةً تنظيم الدولة و هيئة تحرير الشام. والثاني هو الحل السياسي عبر المفاوضات المباشرة بين الحكومة والمعارضة "ممثلة بوفد واحد قائم على التوافق دون إقصاء". تعتبر "روسيا حجر الزاوية في الحل السياسي لـ الأزمة السورية".

كما توجد تيارات معارضة أصغر ك «جبهة السلام والحرية» تهدف لإيجاد حل سياسي، وتسعى لبناء نظام ديمقراطي تعددي لا مركزي. 

كما توجد معارضة تسمى "معارضة الداخل" أو "المعارضة الوطنية" ” وهو تجمع يضم مجموعة من القوى المعارضة الديمقراطية التي اختارت منذ البداية الحل السياسي التفاوضي الذي يفضي إلى التغيير الوطني الديمقراطي والانتقال السياسي. أبرز مكوناتها "هيئة التنسيق الوطنية".

وتشارك أطراف من المعارضة السورية ضمن "الهيئة العليا للمفاوضات" التي يسيطر عليه الائتلاف في المفاوضات بجنيف، فيما تشارك أطراف أخرى في مفاوضات الاستانة. حيث يغيب عنهما أهم قوتين على الأرض هما "قوات سوريا الديمقراطية" و "هيئة تحرير الشام.

هذا الوضع الشائك للمعارضة السورية وتشتتها واختلاف ولاءاتها ودخولها في ميزان مصالح الدول الداعمة يجعل الوضع أكثر تعقيدا، ولعل الصراع فيما بينها ساهم بشكل كبير في تعزيز قوة وبقاء نظام بشار الأسد. على مر السنوات، حيث شهدت المعارضة السورية تنافسًا وتجاذبات سياسية وعسكرية داخلية، مما أدى إلى تشتت الجهود وعدم التوحيد وتقوية موقف النظام.

كما وفشلت هذه المعارضة على تحديد هدف مشترك ورؤية سياسة واضحة. بعضها يسعى لاسقاط النظام، أخرى لتغيره، منها من يفضل بقاء الرئيس وأخرى طالبت برحيله ومحاسبته بعضها تسعى لإقامة دولة مدنية ديمقراطية، في حين تنحصر أهداف بعض التنظيمات الأخرى في إقامة دولة إسلامية وأخرى في اقلمة دولة لامركزية. هذه الاختلافات الأيديولوجية والسياسية تسببت في تفكك المعارضة وجعلها غير قادرة على تحقيق التوافق وتشكيل حكومة بديلة قوية، لا سيما وأنها انتقلت من مرحلة معارضة نظام الأسد للانشغال في الاقتتال فيما بينها ومعارضة الرؤى والأهداف التي تطرحها تيارات مختلفة من ضمن المعارضة نفسها.

بالإضافة إلى ذلك، استغل النظام السوري تلك الصراعات في المعارضة لتشويه صورتها وتصويرها على أنها تنظيمات إرهابية أو فوضوية، مما أدى إلى تقليل الدعم الدولي للمعارضة وتأجيج الانقسامات بين الدول والقوى الداعمة لهم، لا سيما بعد ورود العديد من التقارير للجان التحقيق التابعة للامم المتحدة بارتكاب المعارضة انتهاكات وجرائم ترتقي لمستوى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وخاصة في مدينة عفرين، التس شهدت في شباط 2018 اعنف هجوم شارك فيه الجيش الوطني الى جانب الجيش التركي بمباركة من الائتلاف. الهجوم خلف اضرارا كارثية بسمعة المعارضة وأثر بشكل بالغ على الدعم الدولي المقدم لها لا سيما مع الفظائع التي تم ارتكابها من قبل الجيش الوطني وجرائم قتل وتعذيب واعدام واغتصاب النساء والتهجير والاستيلاء على أملاك الأهالي. 

على الرغم من أن الصراعات الداخلية في المعارضة السورية لم تكن هي العامل الوحيد الذي ساهم في استمرار نظام بشار الأسد، إلا أنها بالتأكيد أعطته تسهيلًا إضافيًا للتحكم في الوضع وتعزيز قوته.

مصطفى عبدي

10 أيار 2023




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماهو رأيك ؟

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004 1 و 2