تعرض تقارير إعلامية قبل كل انتخابات في تركيا تسريبات عن مفاوصات تجريها الدولة مع الزعيم الكردي عبدالله أوجلان، الذي تم اعتقاله منذ فبراير 1999. وتتناول هذه التقارير إمكانية وجود مساومات بين الحكومة والسيد أوجلان، نظرًا لتأثير صوت الناخب الكردي في الانتخابات التركية، والذي يعتبر صانع الملوك في هذه الانتخابات.
بالتأكيد تقف الدولة نفسها وراء تلك التقارير التي تحولت لعرف انتخابي، يمكننا القول إنها جزء من حملة إعلامية من قبل الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية الحاكم. ومع ذلك، يلاحظ في هذه الانتخابات تغيرًا في الأحوال، وأن أجهزة المخابرات لم تعد قادرة على التحكم بكل شيء، رغم ظروف العزلة التامة المفروضة على السيد أوجلان في إمرالي.
وفقًا للتقارير الأخيرة، التي أكد صحتها صلاح الدين دميرتاش، الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي الذي يقبع في سجن أدرنة منذ 7 سنوات. تم ذكر وجود لقاء واحد على الأقل بين حزب العدالة والتنمية والسيد عبد الله أوجلان. وبعد عدم الحصول على الإجابة التي يرغبون فيها، تم تشديد العزلة عليه وفرض عقوبات إضافية ضد أوجلان كوسيلة ضغط. كذلك تمت محاولة الاتصال بقيادة حزب العمال الكردستاني العسكرية في قنديل بشكل غير مباشر، لكن هذه المساعي لم تنجح في كسر الجمود بين حزب العدالة والتنمية الحاكم والعمال الكردستاني المعارض.
يبدو أن العمال الكردستاني المعارض بات أكثر قناعة بعدم جدية الدولة في هذا الاتجاه، وانها مجرد لعبة انتخابات فحسب. ونتنبئ م خلال خطابه انهم على ثقة بأمكانية سقوط أردوغان عبر صندوق الانتخابات، مما يدفعهم إلى انتظار النتائج وترك الشعب التركي حرًا في التصويت والثقة في قدرته على الاستدلال لنظام تسبب في الدمار والاستبداد وغياب سلطة القانون وتدهور الاقتصاد وفقدان الأمان.
معاونوا الرئيس التركي رجب أردوغان سارعوا لنفي تلك التقارير وكذبوا الأنباء المتداولة عن التفاوض مع السيد أوجلان كما كل مرة،
غير أن الواقع يشير إلى عكس ذلك، حيث تواصل الحكومة التركية محاولات التفاوض معه، ولكنها لم تتحقق أي تقدم حتى الآن، فاوجلان رفض تقديم أية تنازلات، مقابل الحصول على حريته، لا بل ولديه خطط تتعلق بحل للمشكلة الكردية وان ذلك سيضمن قوة تركيا وتحسين الأوضاع الأقتصادية. أوجلان لا ينظر إلى المسألة من هذا زاوية شخصية فقط كما يريد أردوغان، بل يقدم مشروعاً متكاملاً لحل الأزمة ووقف الحرب في غضون أسبوع. ومع ذلك، تواصل الحكومة التركية رفضها لهذا الحل. يريد أوجلان اتخاذ خطوات لحل المشكلة الكردية قبل حريته، ويؤكد أن حل هذه المشكلة سيعود بالفائدة على جميع الأتراك والكرد على حد سواء، ويمثل فرصة ثمينة لتركيا للانتقال إلى مرحلة الرخاء والسلام الدائم.
من جهة أخرى يمتنع حزب العدالة والتنمية عن مشاركة مؤسسات الدولة في مثل هذه المفاوضات، بما في ذلك البرلمان والوزارات المختصة مثل وزارة العدل، ويحتفظ بسريتها داخل أجهزة الاستخبارات، لخدمة المصالح الشخصية أو الحزبية لأردوغان، مما يرفضه أوجلان ورؤيته الشاملة للحل. يدرك أوجلان تمامًا أن هذه المفاوضات مجرد وعود للاستهلاك المحلي، وأن أردوغان لن يفي بها بعد الانتخابات على أي حال.
ومع ذلك، فإن السيد أوجلان لا يرفض الاستمرار في الاجتماعات، وأخرها كان في مارس 2023، ويظل ملتزمًا بقدرته على تحقيق السلام إذا كانت الدولة جادة في ذلك.
يدرك أوجلان أن أردوغان، الذي يهوى السلطة بشكل شديد، بات في حاجة إليه اليوم أكثر مما كان عليه في الماضي، ولهذا السبب أكد السيد اوجلان في هذه المرة على ضرورة توثيق كل شيء بشكل رسمي.
"كل ما سيقال يجب أن يعلن على الملأ قبل الانتخابات". هكذا رد السيد اوجلان الذي بات على قناعة بان ذلك سيضمن نجاح المفاوضات أولا وسيكون اختبارا جديا بمدى رغبة الدولة في السلام ونبذ العنف.
كما رد السيد أوجلان على اقتراحات المفاوضات كان بأنه يجب الإعلان عن كل شيء علنًا قبل الانتخابات، حيث يؤمن بأن ذلك سيكون مفتاح نجاح هذه العملية وسيكون اختبارًا لرغبة الدولة في السلام ونبذ العنف.كما ويريد مشاركة الشعب في كل شيء.
في وقت يربط أردوغان وحلفاؤه المشكلة الأساسية التي تواجه تركيا بالأقتصاد فإن السيد أوجلان يعتبر أن المشكلة الاساسية التي تواجه تركيا هي السلام الداخلي، وان يجاهل هذا المسار واستمرار ارسال المدافع والطائرات والجيش وفتح جبهات جديدة لن تحقق اي مكاسب فالمكسب هو الجلوس على طاولة المفاوضات .
اوجلان يركز كذلك على مشاركة الجمهور في تفاصيل المفاوضات، لكونها تهمهم أولاً وتمس أمنهم ومستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة.على الرغم من ذلك، فإن لدى أردوغان وجهة نظره الخاصة، حيث يريد أن يربط كل خطوة يقوم بها بزيادة أصواته. ويرى السيد أوجلان أن الكشف عن كل ما يجري في المفاوضات وعرضه على الملأ سيضمن نجاح المفاوضات ويكون اختبارًا جديًا لمدى رغبة الدولة في السلام ونبذ العنف.
لكن لأردوغان وجهة نظره فهو يربط كل خطوة يقوم بها، "أولاً وقبل كل شيء ، بمدى تأثيرها على زيادة أصواته" .
خطة أردوغان تستهدف شق صفوف المعارضة
قال موقع Bold Medya إن مخطط أردوغان كان دفع أوجلان، لنشر رسالة مصورة حول دعمه تحالف المعارضة، وسعيه لتأسيس دولة كردية مستقلة على حدود تركيا، بالتعاون مع كيليجدار أوغلو، لكن لم يستجب أوجلان لمطالب أردوغان وأدرك انها مؤامرة.
وقال تقرير الموقع: يسعى أردوغان من وراء ذلك لإبعاد الناخبين المحافظين القوميين من حزب الخير، الذين قرروا التصويت لصالح كيليجدار أوغلو، عن تحالف الشعب المعارض ودفعهم للتصويت لصالحه من جديد.
وتهدف مساعي أردوغان إلى شق صفوف المعارضة عبر إثارة تخبط لدى ناخبي أحزاب السعادة والمستقبل والديمقراطية والتقدم، بخلق انطباع أنهم بدعمهم كيليجدار أوغلو يتحالفون مع تنظيم يسعى لتقسيم تركيا .
مصطفى عبدي
30 نيسان 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ماهو رأيك ؟