الخميس، أبريل 20، 2023

حكايتي مع كوباني … وحرب الايام الصعبة

لقاء خاص أجرته لافا خالد – خاص بمشروع ” أنا قصة إنسان “


(دوعش، نظام أردوغان، نظام الأسد والمنشقون عنهم)، الكل يحاربنا، الكل له أهداف وغايات مغايرة لتلك التي يريدها أبناء مدينة كوباني، حتى اسم المدينة سموها تارة ” عين العرب” وهي المدينة التي لا عين فيها ولا عرب. كما سموها عين الإسلام .



دبابات، مدافع، قصف جوي، سيارات مفخخة، اشتباكات… كل أسلحة العالم وجيوشه اجتمعوا على وفي كوباني، الحرب فيها لم تبدأ فجأة، فقد سبقها عامان من الحصار الطويل والاعتقالات، لقد منعوا التجار والمنظمات بإدخل حليب الأطفال والدواء، للمدينة. ورغم ذلك كان أهلها يفضلون البقاء والمقاومة على النزوح عنها، ولكن ما حدث في 14/9/2014 كان مختلفاً، فتنظيم داعش حشد كل سلاحه الثقيل الذي غنمه في الموصل وفي الرقة ومطار الطبقة ووجهه لاحتلال كوباني وريفها، كما وحشد عشرات الآلاف من مقاتليه بتهديد حرق كوباني، وذبح اهلها، والصلاة في جوامعها إن لم تستسلم، وهو التهديد الذي كانت جبهة النصرة ترسله أيضا، وقبلها الجيش الحر. ومازلت تركيا اليوم تهدد به. حيث يقول أردوغان سندفنهم في الخنادق إشارة لسكان المدينة.



غادر الناس على عجل، تاركين ورائهم كل شيء وهم يحاولون النجاة بأرواح أطفالهم والنساء، وداعش يمطر المدينة بالمئات من القذائف يومياً، وقواته تتقدم تسرق وتحرق وتقتل وتنهب كل ما تصادفه، ومع نهاية الشهر التاسع من 2014 أصبحت المدينة شبه خالية من المدنيين، لتبدأ فيها حرب شوارع طويلة بعدما قرر أبنائها القتال حتى النهاية.

مدن كثيرة كانت هدفاً لتنظيم داعش قبل كوباني، تلك المدن كانت تستقبلهم بالذبائح والحفلات، لكن كوباني أصبحت أول مدينة سورية ترفض احتضان داعش، حينما قرر أهلها ترك قراهم ومنازلهم والنزوح، وكانت أول مدينة تشهد مقاومة لداعش حتى هزيمته.

أثبت مقاتلوا كوباني الذين أصبحوا رمزاً عالمياً للمقاومة أنهم لن يتركوا مدينتهم رغم أنهم تراجعوا لآخر خطوط الدفاع، وهو ما فرض على المجتمع الدولي والتحالف الذي تقوده أمريكا أن يتدخلا لمساعدتهم بعد أن انتشرت اسطورة المقاومة في الفضائيات، وبعد أن تحولت شوارع أوروبا لساحات تظاهر لم تتوقف وهم يطالبون بدعم شباب وبنات كوباني، وفك الحصار المفروض عليهم من قبل تركيا.

بالفعل تدخل التحالف الدولي في اللحظات الاخيرة، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة مختلفة كلياً، مرحلة انكسار هيبة داعش، وقوته. 

بدأت بعد ذلك حرب تحرير كوباني شارعاً بشارع، ولم تتوقف لتمتد إلى تل أبيض، ومنها إلى سلوك حيث نشأ داعش في سوريا، وجبل عبد العزيز، ومبروكة والشدادي، فكانت هزيمة التنظيم في كوباني هي بداية لهزيمته في سوريا كلها.

مصطفى عبدي أضاف معرجاً على حياته الإعلامية التي بدأت قبل اندلاع الثورة بعقد:” كانت لي تجارب في العمل الاعلامي منذ العام 2004 حينها كنت طالب في جامعة دمشق وتعاونت مع مجموعة أصدقاء في تأسيس جريدة ثقافية /جراخ/ وإصدار ثلاث أعداد منها باللغة العربية والكردية، ولاحقاً توقفنا عن النشر بسبب مضايقات أمنية أفضت لاعتقالي من قبل الأمن السوري، لأنتقل في العمل إلى النشر بأسماء مستعارة في عدة مواقع الكترونية منها " /مجلة الثرى / وموقع / سما كرد/، وبعدها قمت بالتعاون مع عدد من الاصدقاء منهم / صالح حبش، صلاح مسلم، مروان اسماعيل/ بإطلاق منتدى ثقافي الكتروني / منتدى شباب كوباني / عام 2006 ليصبح اول نافذة إعلامية، وثقافية فتحت لأبناء كوباني حرية الكتابة ونشر الأفكار بدون رقابة، كما وأسسنا جريدة سبا الثقافية واطلقت موقع أخباري باسم كوباني كرد.

لم أكن أمتلك مالاً لأقوم بتصميم وشراء موقع الكتروني، لذا اعتمدت على نفسي واستفدت من الانترنت في تعلم لغات البرمجة والتصميم، ولأقوم بعد ذلك بتصميم وإطلاق موقع الكتروني / كوباني كرد/ في العام 2011، كأول موقع كردي من داخل المدينة يهتم بنشر أخبار الناس، ويكون صدى لتطلعاتهم.

أسست أيضا أول إذاعة مجتمعية/ راديو آرتا كوباني وذلك قبل الحرب بشهرين، وتركت العمل فيها لاحقاً، لأتحول إلى العمل مع الإذاعات الدولية كإذاعة سيريانت، وتفعيل بث عدد منها في كوباني، وعملت مع عدة منظمات منها معهد الديمقراطية NID ، منظمة ايمباكت ، منظمة NASO .

عشت ثلاثة تجارب اعتقال بسبب عملي الإعلامي، اعتقلت عند النظام السوري في العام 2004، وعند فصائل عسكرية قالت إنها من الجيش الحر في العام 2012، ومن قبل PYD في العام 2013.

كانت كوباني تعيش تعتيماً إعلامياً قبل حرب داعش لاحتلالها، مع بدأ الحرب حملت كاميرتي الصغيرة وبدأت أوثق موجات النزوح، كنت قريبا من المقاومة، نقلت رسائلهم إلى العالم وضرورة مساعدتهم ودعمهم بالسلاح ومساعدتهم للوقوف في وجه الإرهاب. بقيت متواصلاً مع العشرات بل المئات من وسائل الإعلام والوكالات العالمية.

في كثير من الأوقات كان يصعب عليّ التوفيق في الرد على كل الاتصالات الواردة من الجهات الإعلامية، فوسعت فريقا تطوعيا بعدة لغات للاستجابة . لقد كانت أياماً عصيبة جداً وصعبة، وكانت الحرب الإعلامية فيها جزءاً مكملاً من حرب الدفاع عن المدينة.

اعتمدت الموضوعية قدر الإمكان، ونشر الأخبار بدقة ومن مصادرها، وهو ما ساعدني لأكسب مصداقية غالب وسائل الإعلام، الذين كانوا يتواصلون معي عبر الهاتف بداية، والتقيت بغالبهم لاحقاً في كوباني أو في مدينة سروج التركية المتاخمة لكوباني. 

في الحرب، كانت الأخبار كثيرة، متعددة، وكانت الإشاعات أكثر، كنا نمضي وقتاً إضافياً لنفي تلك الإشاعات التي كانت أيضا جزءاً من الحرب الإعلامية، وهنا برزت مع مجموعة من الزملاء كفريق عمل ، حيث بدأنا نهتم في النشر بلغات أجنبية، وفي تويتر ضمن فكرة الحرب الإعلامية حيث كان داعش أيضا ينشط فيها.

كل ذلك الظهور كان له بالمقابل ثمنه، فقد تعرضت عائلتي للتهديد مراراً أثناء تواجدي في كوباني ولاحقا في تركيا وفي أوربا، ولاحقاً أيضا كان هنالك خوف كبير دائم يرافقني.

قبل فترة قصيرة، بدأت داعش حملة لاستهدافي من خلال الـ / تلغرام، الهاتف، الواتس اب/ ووصلتي العشرات من التهديدات، وتم نشر صورتي مذبوحاً في صفحات تقول أنّها تابعة لوكالة أعماق/، الأرقام التي كانت تتصل بي نشرتها في صفحتي، غالبها كان ماليزياً، ومن لبنان، ومن تركيا، ومن الخطوط السورية، وهو ما دفع فريق أنيموس لإبلاغي بضرورة أن أغير مكان انتقالي وأن أختفي عن الظهور لفترة، كما وأني حصلت على حق الحماية من وزارة الداخلية الفرنسية بتاريخ 20 شباط 2016.



الإعلامي دائماً مستهدف من قبل جميع الأطراف المتصارعة في سوريا، حتى من قبل الأطراف السياسية، للأسف فكلهم يعتبروننا أعداء لأننا ننتقد ونظهر أخطائهم، وهي مشكلة كبيرة نعيشها، فالغالبية لا تستطع استيعاب الإعلام الحر، بل وتحاربه، وذلك نابع من عقليتها المشبعة بالإعلام المؤدلج، الذي يلتزم بسياسة المديح والقفز على الأخطاء.



حاولت قدر المستطاع أن أمنح مدينتي التي تحرقها الحرب حقها، كواجب أخلاقي، وسعيت قدر الإمكان لتقديم ما أستطيع، والتزامي ليس بأي حزب، بقدر ما هو التزام بقضيتي الكردية في سوريا، ليتمكن الشعب الكردي من الوصول لضمان كامل حقوقه.

كم كان صعباً عليَّ وداعي لخيرة شباب وبنات كوباني على الجبهات، وهم الذين كانوا قبل سنة أعضاء في فرق فنية وثقافية ومسرحية، وطلاب علم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماهو رأيك ؟

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004 1 و 2