الثلاثاء، أبريل 18، 2023

تاتليسس: الفنان الذي دعم الديكتاتورية وفقد شعبيته


 على الرغم من أنها ليست الأولى، إلا أنّ زيارة الفنان التركي إبراهيم تاتليسس إلى هولير عاصمة إقليم كردستان قبل أيام، قبلت بعاصفة انتقادات، كما وصفت بأنها تسويقٌ سياسي لنظامٍ أمعن في قتل المدنيين الكرد منذ ست سنوات؛ لا سيما وأن المشاهد لا تفارق مخلية الكرد و السوريين وهم يشاهدون كيف كان تاتليسس يرافق أردوغان ووزير دفاعه وهم يتجولون في قواعد الجيش التركي قرب الحدود السورية ويعطي الأوامر بقصف مدينة عفرين الكردية حيث قتل ما لاقل عن ألف مدني، وأصيب عشرات الآلاف وتم تهجير مئات الآلاف من منازلهم وقتها ومازالو يقطنون في المخيمات وممنوعون من العودة لمدينتهم المحتلة من قبل الجيش التركي.
تاتليسس برفقة أردوغان وخلوصي آكار قرب عفرين لمباركة قصفها من قبل الجيش التركي واحتلالها


يتذكر الكثير من الكرد كيف ظهر تاتليسس وهو يغني للجنود الأتراك الذين كانوا عائدين للتو من قصف مدينة عفرين السورية التي كان يقطنها نصف مليون مواطن كردي، مؤكد أن تلك القذائف قتلت أطفالا ونساءا وشيوخا ودمرت منازلهم والمشافي والمساجد والمدارس.

وقُوبل استقبال تاتليسس في هولير بغضب عارم في منصات التواصل الاجتماعية، مستغربين من توقيتها الذي يسبق الانتخابات في تركيا، حيث كان تاتليسس قبل أيام يتجول مع أردوغان ضمن حملته الانتخابية.


يعتبر الفنانون بمثابة المرآة التي تعكس المجتمع وثقافته، وهم عادةً معروفون بتبنيهم قضايا اجتماعية وإنسانية ويدعون للسلم. ولكن في بعض الأحيان، كحالة إبراهيم تاتليسس فهم يدعمون الديكتاتوريات أو النظم السياسية المستبدة، ويعتبر هذا الدعم غير سليم وغير مقبول.

عندما يدعم الفنانون الديكتاتوريات، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقوية ذاك النظام القمعي والاستبدادي، ويمكن أن يكون له تأثير سلبي على المجتمع والثقافة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يستغل الديكتاتور الفن والفنان ويستخدمه كأداة لتبرير الجريمة وترويج الأفكار السياسية والتحكم فيها والترويج للاحتلال والقتل كما يفعل أردوغان بالضبط مع إبراهيم تاتليسس.

بيادق للعسكر
برز في تركيا عدة تيارات، منهم من انزاح لدعم نظام الحكم وكسب منافع ذلك من خلال هبات القصر، وآخرون فضلوا الصمت فيما قررت فئة من الفنانين التحرك والمطالبة بالعدالة وحقوق الإنسان ورفعوا شعارات ضد الديكتاتورية والاستبداد فزج بالعشرات منهم في السجون وآخرون تمكنوا من الفرار من تركيا لكن الاحكام القاسية ظلت تلاحقهم.

إبراهيم تاتليسس كان ظلا لأردوغان منذ البداية كان يبقيه قريبا منه، وتم استخدامه مع آخرين كأداة ناعمة والتقرب عبرهم من الناس حيث يرى نظام أردوغان أن معظم المنتسبين لقطاعات الفن والإعلام والرياضة في تركيا هم مسخرون لخدمة حزب العدالة والتنمية ومن يتمرد على أفكاره يتهم بالإرهاب.

الصامتون أكثر
يوجد في تركيا الكثير من الفنانين والمشاهير من الذين يرفض الانقلاب الذي قاده أردوغان في تركيا رغم صعوبة إبداء هذا الموقف وتداعياته عليهم، لا عتاب عليهم إن التزموا الصمت، لكن الداعمين لذلك الإنقلاب هم بالدرجة الأولى من المنتفعين من السلطة، أغلبهم في مراحل أفول وانحسار شعبية، وبالتالي ليس لديهم ما يخسرون.

اختار تاتليسس الوقف لجانب أردوغان والترويج لسياساته، وتبنى أفكار حزب العدالة والتنمية الحاكم وقدم دعما مباشرا لديكتاورية أردوغان ونظامه القمعي كما أنه اختار أن يكون جزءا منه يرافقه إينما ذهب إن استدعاه. وبذلك لا يمكننا تقييمه بأي حال كفنان يتمتع بحرية التعبير والابتكار والإبداع. وأن نطلب منه أن يتحمل المسؤولية الاجتماعية والثقافية، فهو بات ممسوم الأفكار وفقد أي وظيفة أو قدرة على  إثراء المجتمع بشكل فعال وإيجابي.

مؤكد أن انزياح بعض المشاهير في مختلف الأوساط نحو دعم الديكتاتورية مرتبط أساسا بالمنافع التي يوفرها الديكتاتور لهؤلاء والأمر هنا ليس قناعة بقدر ماهو مرتبط بالمنفعة المتبادلة على حساب النزاهة ورسالة الفن التي من المفترض أن تكون مرتبطة بالمسؤولية الثقافية والاجتماعية والمساهمة في بناء مجتمع يتمتع بالحرية والتسامح والتخلي عن ذلك فرضا ام طوعا لصالح ترسيخ الفكر القمعي والتحريض على العنف والتمييز ضد فئات المجتمع المختلفة. ويعتبر هذا الانزياح غير سليم وغير مسؤول، ويؤدي إلى تعزيز الإرهاب الفكري والعنف في المجتمع. ويجب الحذر منه. 

يجب اتخاذ موقف واضح  من الفنانين الذين يدعمون الديكتاتورية والأنظمة القمعية، لأن هذا الدعم يؤدي إلى العديد من التأثيرات السلبية على المجتمع والفن والثقافة وهنا يجب التحرك وادانة ذلك التوجه ومحاصرته. من المهم أن يتم تحديد موقف واضح وتشجيع الفنانين على إنتاج فن يدعم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، ويعزز التنوع والتسامح في المجتمع. كما يجب تعزيز الوعي بأهمية حقوق الإنسان والحرية الفنية، وتشجيع المجتمع على دعم الفنانين الذين يعملون على نشر القيم الإيجابية في المجتمع ويحاربون التمييز والتحيز.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماهو رأيك ؟

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004 1 و 2