السبت، أبريل 01، 2023

قصة رجل اعتقل بتهمة عرقلة تطبيق النظام الاشتراكي العالمي






قصة رجل من كوباني اعتقل بتهمة عرقلة تطبيق "النظام الاشتراكي العالمي":

تعتبر قصة جموێ عل همك، حكايةً مؤثرةً لمن لديهم شغفٌ بالدفاع عن الأراضي وحقوقه. 
جمو كان يملك أرضًا تبلغ مساحتها 400 هكتارًا في قرية آغباش التابعة لريف تل أبيض في سوريا. في عام 1963، وبعد الانقلاب العسكري قررت حكومة البعث توزيع أراضي الملاك الكرد على العرب ضمن ماكانت تسميه خطة الإصلاح الزراعي فيما عُرف باسم ثورة الثامن من آذار (انقلاب 8 آذار وسيطرة حزب البعث على السلطة). المشروع كان يستهدف التغيير الديمغرافي عبر توطين "العرب" في القرى والبلدات الكردية، عبر الاستيلاء على أراضي الملاك الكرد ضمن مخطط إنشاء حزام عربي يمتد على طول المناطق الكردية شمال سوريا.

(جمو) لم يقبل تنفيذ القرار الذي وجده ظالما، وقرر تحدي السلطات بشتى السبل ورفض التنازل ولو عن متر واحد من أراضيه البالغة مساحتها 400 هكتارا وقرر المقاومة.

تم استدعاءه عشرات المرات للأفرع الأمنية واستجوابه والزامه بالتوقيع على مستندات يتنازل بموجبها عن ثلثي أراضيه لصالح الوافدين الجدد (المستوطنين) إلا أنه رفض ذلك وتحدى الأجهزة الأمنية علنا. وأخبرهم أنه لن يزرع أراضيه ولن يسمح لأحد بزراعتها أو الاستفادة منها طالما بقي على قيد الحياة.

لكن ورغم ذلك قامت الأجهزة الأمنية ودوائر الدولة السورية "البعثية" بمنح سندات تمليك لأراضي جمو لثلاث مستوطنين، تم جلبهم من مناطق ريفية بعيدة بغاية العيش في المنطقة. لكن كان لجمو أيضا خطط بديلة لمواجهة هؤلاء حتى وإن كان الدخول في حرب معهم.

على مدار السنوات الأربعة التالية نجح من منع المستوطنين العرب من حراثة متر واحدة من أرضه. كان يطلق الرصاص على الجرارات الزراعية التي منحتهم الدولة لهم لفلاحة وزراعة أراضي جمو، كان يرسل لهم رسائل تهديد واضحة يحذرهم فيها من الاستمرار في احتلال أرضه وأن العواقب ستكون وخيمكة عليهم وعلى عوائلهم، كان يطلق عليهم الكلاب أثناء محاولتهم التجول في تلك الأراضي أو التوجه لزراعتها، يرمي أمام مساكنهم بقايا جثث الحيوانات يطلق أصوات مخيفة في الليل... لقد حول حياتهم إلى حجيم.

أبلغ المستوطنون الأجهزة الأمنية بتعرضهم للهجوم من قبل جمو، قامت تلك الأجهزة بوضع الحواجز، وارسال عناصر لاعتقاله لكنهم فشلوا في الوصول إلى جمو، استعانوا بالجيش حيث تم ارسال قوة عسكرية (خصيصا لملاحقة جمو ووضع حد لاعتداءاته المزعومة)، لكنهم فشلوا في تحديد مكانه، فقد كان قد تمكن من الهرب واجتياز الحدود التركية.

رغم أنه أصبح خارج سوريا، لكنه واصل هجماته (كر وفر) لا سيما وأن قريته قريبة جدا من الحدود، حيث أصبح يرصد المستوطنين من خلف السياج الحدودي، كان يطلق الرصاص ببارودته على المستوطنين أثناء محاولتهم زراعة أرضه، كما وأنه نفذ خطط خطيرة جدا ومنها استخراج الألغام من المنطقة العازلة بين سكة القطار، والأسلاك على الحدود التركية - السورية ويدخل سوريا ويزرعها في ارضه لكي لا يزرعها (المستوطنون)، ولخشيته من أن يسبب انفجارها مقتل أحدهم كان يتركها بارزة لهم كي يشاهدوها ويرسل للمستوطنين رسائل عن وجود ألغام أخرى مزروعة ضمن أراضيه ويحذرهم من الاقتراب منها.

استسلم المستوطنون واستسلمت الاجهزة الأمنية والجيش وفشلوا في تنفيذ قرار مصادرة اراضيه وزراعتها. جمو عاد لسوريا بعد فترة عبر الحدود ، أعتُقل عدة مرات ربطوه مرة خلف سيارة عسكرية، تعرض للتعذيب في السجن بمدينة ديرالزور، ظل غائباً عن الوعي مدة أسبوع، تمت احالته للمحاكمة، وقف أمام قاضي الفرد العسكري (القضاء الأكثر رعبا في سورية) وقال للقاضي لن أتخلى عن أرضي ما دمت حيا ولك الخيار أن تعدمني، فتم الحكم عليه بتهمة "معاداة النظام الاشتراكي العالمي" قضى فترة في السجن حين خرج عاد لإطلاق النار على المستوطنين العرب، وحرق ما زرعوه بأرضه، مستغلين وجوده في السجن. داهمت دورية منزله بعد ذلك، لكنه كان قد أخذ احتياطاته، حيث كان له ابن عم يشببه وبنفس الأسم فتم اعتقاله بدلا من جمو ، فيما بقي جمو طليقا ومضى يواجه المستةطنين لدرجة أن السلطات بدأت تتخوف من ثورة الأهالي ضدهم، فتراجعوا عن التحدي وقبلوا الهزيمة.

في النهاية هرب "الوافدون"، وفشلوا في البقاء والاستقرار في القرية، فيما واصل جمو كفاحه عبر توكيل محامي للاحتفاظ بممتلكاته، وتمكن من استرداد أرضه كاملة، بعد دفع رشاوي للسلطات، حيث قاموا بتحويل اراضيه إلى "أملاك الدولة" وتأجيرها له مدى الحياة (25 ليرة سوري ع الدونم) كما وسجل قسم من أرضيه بأسماء زوجاته، وأولاده كي لا تتم مصادرتها مستقبلا.

جمو تمكن من إيقاف تمدد الحزام العربي باتجاه كوباني بفضل صموده وكفاحه، وفي حدود أراضيه توقف تطبيق ذلك المشروع الخبيث.



صور متوفرة لاولاده والاحفاد













ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماهو رأيك ؟

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004

كتاب توثيقي عن انتفاضة 12 آذار 2004 1 و 2