مصطفى عبدي :
لم تجري رياح التطبيع بين دمشق وأنقرة كما تريد الأخيرة، فدمشق ليست مستعجلة كما يبدوعلى عكس أنقرة التي ترغب في المزيد من الخطوات تمهيدا للقاء يجمع الرئيس التركي رجب أردوغان بنظيره السوري في أقرب وقت ممكن ، فيما تفضل دمشق تأجيل ذلك لمابعد الانتخابات التركية.
ولتركيا وسوريا تاريخ مرتبط بعلاقات متقلبة، ومنذ الحرب الأهلية السورية، انخفضت هذه العلاقات إلى مستويات قياسية من العداء والتوتر. وكانت تركيا طرفا رئيسا في الحرب التي تسببت في دمار هائل ومئات آلاف الضحايا وملايين النازحين. إلا أنها تراجعت مؤخرا بوساطة روسية إيرانية وباتت تود بشدة التقارب مع دمشق.
يعزى ذلك جزئيًا إلى التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، وتحديدًا الصراع بين تركيا وروسيا، الذي أنتهى لصالح الأخيرة.
الاجتماع الرباعي الذي جرى في موسكو في 25 أبريل الجاري ضم وزير الدفاع العماد علي محمود عباس، والروسي سيرغي شويغو، والإيراني أمير محمد رضا أشتياني والتركي خلوصي آكار، بمشاركة مديري أجهزة الاستخبارات في الدول الأربع، سبقه تغطية إعلامية واسعة في تركيا، فيما تجاهلته دمشق. التبيانات كذلك ظهرت بعد انتهاء اللقاء وعدم عقد أي مؤتمر صحفي، حيث سارعت دمشق إلى نفي صحة بيان وزارة الدفاع التركية الذي تحدث عن خطوات ملموسة تتعلق بتطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا.
تركيا تطرح أربعة ملفات في مفاوضات المصالحة مع دمشق
تطرح تركيا على طاولة المفاوضات مع سوريا أربع ملفات يجري التفاوض بشأنها وتتعلق بـ: المساعدات الإنسانية وعودة اللاجئين إحياء العملية السياسية وضمان مشاركة فعالة للطرف الذي تدعمه (الإئتلاف) والتنسيق لمحاربة قوات سوريا الديمقراطية.
وبحسب صحيفة 'حرييت' المحلية المقربة من الحكومة التركية، فإن المواضيع المطروحة للنقاش ستبدأ وفق تركيا بإحياء العملية السياسية أولا.
وبالنسبة لموضوع عودة اللاجئين، تخطط أنقرة لتنفيذ هذه الخطوة مع إحياء العملية السياسية، مشيرة إلى أن دمشق أصدرت مراسيم عفو تشجع على عودة اللاجئين.
أما في ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، فإن تركيا ترى أنها تستطيع إظهار المرونة عند معابرها الحدودية لضمان إيصال المساعدات الإنسانية من دون انقطاع إلى جميع أنحاء سوريا.
وفي ما يتعلق بملف "قسد" وهو من بين أكثر الملفات أهمية بالنسبة للجانب التركي، فإن الأخير يركز على ضرورة تعاون دمشق لمحاربة قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا وعدم القبول بأي حكم ذاتي.
دمشق طرحت أربعة ملفات في مفاوضات المصالحة مع أنقرة
من جهتها تركز دمشق على انسحاب القوات المسلحة التركية من الأراضي السورية التي تحتلتها والتخلي عن مخطط تقسيم سوريا. مؤكدة أن انسحاب القوات التركية سيضمن الحفاظ على وحدة أراضي سورية، كما تولي دمشق اهتمام خاص لمواجهة التهديدات الإرهابية ومحاربة الجماعات المتطرفة فيها (هيئة تحرير الشام، الجيش الوطني السوري)، وتطبيق الاتفاق حول طريق «M4» الدولي.
دمشق تنفي ، وأنقرة تؤكد
فور انتهاء اللقاء سارعت وزارة الدفاع التركية لاصدار بيان أكدت فيه إن الاجتماع ناقش الخطوات الملموسة التي يمكن اتخاذها لتطبيع علاقات أنقرة ودمشق، لترد دمشق بالنفي، مؤكدة أن الاجتماع لم يتطرق إلى أي خطوات تطبيعية بين البلدين. مشيرة على لسان وزارة الدفاع السورية في بيان: «جرى (أمس) اجتماع رباعي لوزراء دفاع كل من: سورية وروسيا وإيران وتركيا، تم فيه مناقشة موضوع انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، وكذلك تطبيق الاتفاق الخاص بالطريق الدولي المعروف باسم طريق «M4».
بدورها نقلت وكالة «سبوتنيك» عن الدفاع الروسية قولها في بيان: إنه «تم خلال الاجتماع مناقشة الخطوات العملية في مجال تعزيز الأمن في سورية وتطبيع العلاقات السورية- التركية».
وتابع البيان «تم إيلاء اهتمام خاص لقضايا مواجهة جميع مظاهر التهديدات الإرهابية، ومحاربة جميع الجماعات المتطرفة في سورية»، وأضاف: «عقب المحادثات، جددت الأطراف رغبتهما في الحفاظ على وحدة أراضي سورية وضرورة تكثيف الجهود من أجل العودة السريعة للاجئين السوريين إلى وطنهم».
تركيا ترفض سحب جيشها من سوريا ودمشق تصر
وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو كان قد استبق اجتماع موسكو بتصريحات قال فيها إن قوات بلاده لن تنسحب في الوقت الراهن من شمال العراق وسورية. فيما ردت عليه دمشق ببيان أكد فيه إن التطبيع أو العلاقة الطبيعية بين تركيا وسورية تعني انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، وبغير الانسحاب لا تنشأ ولا تكون هناك علاقات طبيعية، مضيفاً: إن الانسحاب هو أول مسألة يجب أن يتم حسمها في مباحثات عملية التطبيع. وزير الدفاع العماد علي محمود عباس أكد أن القوات المسلحة السورية على استعداد تام لإرساء واستتباب الأمن في المنطقة بأسرها، وتابع: «إن انسحاب جميع القوات غير الشرعية من الأراضي السورية هو نقطة أخرى نؤكدها وبعد انسحاب جميع القوات الأجنبية من سورية، فإن قواتنا المسلحة قادرة على إحلال الأمن بشكل كامل في جميع الأراضي السورية بدعم من الشعب».
إيران تدعم التطبيع
أبدى وزير الدفاع الإيراني، العميد محمد رضا أشتياني تفائلا بلقاء موسكو،و قال: «كنا نتطلع إلى تقريب وجهات النظر بشأن الأزمة السورية في محادثات موسكو الرباعية من نقطة يمكن أن تكون طريقاً للمضي قدماً وتثمر هذه المحادثات ودفعها للوصول إلى نتائج».
وأضاف: «نؤمن بأن سورية دولة مقتدرة وقوية، والآن تتمتع حكومة هذا البلد بسيادة كاملة على كل سورية وبالطبع، يجب أن يساعد الآخرون أيضاً في تحقيق النتائج المرجوة».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ماهو رأيك ؟